متحدّثة الصليب الأحمر: لا ندفع فدية مقابل الرهائن والمنظمات الانسانية لن تستطيع أن تسدّ الاحتياجات في اليمن
يمنات – صنعاء
أكّدت المتحدّثة الرسمية باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي في اليمن، ريما كمال، في مقابلة مع موقع “العربي”، ارتفاع حجم الإحتياجات الإنسانية بسبب استمرار الصراع إلى مستويات تفوق قدرات المنظّمات الدولية في سدّها، إلّا أنها أشارت إلى أن وقف المعاناة الإنسانية ممكن في حال توصّل أطرف الصراع إلى حلّ سياسي طويل المدى.
ريما كمال، التي تحفّظت عن تفاصيل الإفراج عن المختطفة الفرنسية من أصل تونسي، نوران، اكتفت بالتأكيد أن الإفراج لم يكن نتيجة تلبية مطالب الخاطفين بدفع فدية مالية.
في ظلّ الصراع القائم منذ أكثر من عام، ما الدور الذي قامت به اللجنة الدولية في اليمن؟
نحن في اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي نعمل على تخفيف المعاناة الإنسانية بقدر الإمكان، وعلى مدى الفترة الماضية قدّمنا مساعدات لـ 3 مليون شخص، شملت توفير المياه النظيفة وإصلاح البنية التحتية التي تضرّرت نتيجة الغارات الجوّية في بعض المناطق، وتوفير المستلزمات الطبّية. ولعبنا دوراً في انتشال مئات الجثث في عدد من الجبهات، وساعدنا في الإفراج عن أسرى وإنجاح عمليات تبادل أسرى بين أطراف الصراع.
ما هو حجم التحدّي أمام عملكم جرّاء استمرار الصراع؟
الإحتياجات الإنسانية مهولة جدّاً على أرض الواقع بفعل استمرار الصراع، وتعاني مناطق الصراع من ضعف شديد في الاحتياجات الإنسانية، وهناك مناطق، ومنها محافظة صعدة، يتم إدخال المساعدات الطبية المنقذة للحياة بصعوبة.
ومع استمرار الصراع، مهما قدّمنا من مساعدات لن نستطيع سدّ الإحتياجات الإنسانية، ولذلك الحلّ الوحيد لوقف معاناة اليمنيين يكمن في توصّل أطراف الصراع إلى حلّ سياسي طويل المدى.
هل القيود الخارجية والداخلية ساهمت في تفاقم المعاناة الإنسانية؟
نعم القيود ساهمت بشكل كبير في تفاقم الوضع الإنساني، فنتيجة للقيود التي يفرضها “التحالف” تراجع تدفق السلع والبضائع إلى الأسواق اليمنية، وهو ما أثّر على حياة اليمنيين المعيشية. ونتيجة لتردّي الأوضاع الاقتصادية أصبح اليمنيون يكافحون من أجل الحصول على الاحتياجات الأساسية، ولذلك لا بدّ من رفع القيود المفروضة على الواردات، نظراً لتداعياتها على الجانب الإنساني. فالمنظّمات الإنسانية مهما أدخلت من شحنات إنسانية لن تستطيع أن تفي بالغرض، فاليمن يعتمد على الأسواق العالمية لسدّ احتياجاته بنسبة 90 % وميزانيته كانت قبل الصراع 12 مليار دولار سنوياً.
تفشّي المجاعة في محافظة الحديدة… ألا ينذر بكارثة إنسانية تستحقّ التحرّك العاجل؟
ما يحدث في بعض مديريات الحديدة ناتج عن سوء تغذية، ونحن في اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي لا ندقّ ناقوس الخطر، صحيح هناك صعوبة في الحصول على الغذاء حالياً، ولكن الفقر والبطالة وسوء التغذية كان موجوداً قبل الصراع. نحن ساعدنا 300 ألف أسرة في الحصول على موادّ غذائية رغم أن هذا ليس مجال عملنا، إلا أننا حاولنا تخفيف المعاناة في أكثر من محافظة، فلدينا في تعز مشروع الخبر الذي من خلاله نقوم بتزويد 35 ألف أسرة بالخبز يومياً مجاناً.
بعد أن تحوّلت المستشفيات لأهداف عسكرية، ما تأثير ذلك على الخدمات الطبّية التي تقدّمها اللجنة؟
نتيجة انعدام الوعي لدى أطراف الصراع بأهمّية حماية المنشآت الطبّية وعدم تعريضها للاستهداف، رصدنا طيلة الفترة الماضية 100 هجوم على منشآت طبّية في عدد من المحافظات، البعض من تلك المنشأت تعرّضت للهجوم المباشر، وأخرى للهجوم العشوائي، ولذلك نحاول توعية طرفي الصراع بأهمّية حماية المنشآت الطبّية.
تصاعدت ظاهرة استهداف المسعفين… كيف ينعكس الأمر على عملكم؟
ظاهرة استهداف الأطقم الطبّية والمسعفين مؤسفة جدّاً، ويضاعف من الكلفة البشرية لهذا الصراع، ونحن نحثّ أطراف الصراع على تجنّب استهداف المسعفين واحترام الطواقم الطبّية وفقاً للقانون الإنساني.
ما مدى تعاون أطراف الصراع في تسهيل مهامّ اللجنة الدولية؟
نحن قبيل أي تحرّك ميداني نقوم بالتواصل مع كافّة الأطراف والتنسيق معهم للحصول على ضمانات أمنية للفرق التابعة للصليب الأحمر الدولي للقيام بمهامّها وعبور ساحات القتال، ولكن للأسف تعرّضت فرق الصليب الأحمر الدولي خلال الفترة الماضية لإطلاق نار أثناء قيامها بمهامّها الإنسانية، وتسبّب ذلك بمقتل زميلين لنا كانوا يؤدّون واجباً إنسانياً.
ما مدى تأثير الإنفلات الأمني الذي تشهده عدن على أداء اللجنة الدولية للصليب الأحمر؟
اللجنة بعد حادثة اقتحام مقرّ اللجنة في عدن سحبت العاملين الدوليين فقط، وأبقت العاملين المحلّيين، ولذلك استمرّ نشاط الصليب الأحمر الدولي، وهناك زيارات متكرّرة من قبل اللجنة إلى عدن، وأعتقد أن العاملين الدوليين سيعودون قريباً إلى المدينة.
ملف المعتقلين بات من أبرز ملفّات الصراع الغامضة… مادوركم في هذا الجانب؟
منذ بدء الصراع حتّى الآن، قمنا في اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن بزيارة 70 ألف معتقل لدى مختلف الأطراف، للإطمئنان على ظروف اعتقالهم والمعاملة التي يتلقّونها، ونواصل دورنا مع أطراف الصراع للحصول على إذن غير مشروط لزيارة المعتقلات من جميع الأطراف.
منتصف الأسبوع الماضي، تمكّنت وساطة عمانية من الإفراج عن زميلتكم نوران، هل لك أن تذكرى تفاصيل الإفراج عنها؟
لدينا معلومات عن مساعي الإفراج عن نوران، ولكننا في ظلّ الظرف الحالي نتحفّظ عليها حتّى لا نعرّض طواقمنا لأي مخاطر، ولكن الإفراج عن نوران بعد عشرة أشهر من الإختطاف أنهى الضغوط النفسية الكبيرة التي عانينا منها، وكذلك أسرتها التي عانت كثيراً بسبب اختطافها. أشكر كلّ اليمنين على تضامنهم الكبير مع زميلتنا نوران ومعنا، والذي رفع من معنويات زميلتنا نوران.
هل أفرج الخاطفون عن نوران مقابل بفدية مالية؟
دفع الفدية المالية بالنسبة للجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي خطّ أحمر لا نقبل به، ولذلك الإفراج عن نوران لم يكن نتيجة أي صفقات مالية، كدفع فدية مالية، وتلبية مطالب الخاطفين في دفع الفدية قد تفتح باباً آخر.
ما الرسالة التي تودّين توجيهها لأطراف الصراع؟
المنظّمات الإنسانية مهما قدّمت من مساعدات لن تستطيع أن تسدّ الإحتياجات الإنسانية في اليمن، يضاف إلى أن التكلفة البشرية أصبحت كبيرة والمدنيين العزّل هم ضحايا هذا النزاع، ولذلك الحلّ السياسي هو الخيار الوحيد لوقف المعاناة الإنسانية.